الانتخابات الأمريكية- تأثيرها المحتمل على العالم العربي وقضاياه
المؤلف: صدقة يحيى فاضل11.10.2025

إن السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة، بوصفها قوة عظمى، تترك بصمات عميقة على مجمل الأحداث، سواء على الصعيد المحلي، الإقليمي أو العالمي. لذلك، يولي العالم اهتماماً بالغاً لكل ما يستجد من تطورات وتحولات في المشهدين السياسي والاقتصادي الأمريكي. ومن بين هذه المستجدات، تبرز الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر، محط أنظار العالم أجمع. فالكل يتساءل: من سيفوز بهذا الاستحقاق الديمقراطي؟ وما هي أبرز التعديلات السياسية التي ستطرأ في عهده؟ ومن هم الرابحون والخاسرون من هذه التغييرات المحتملة؟ هذه التساؤلات وغيرها، تشغل بال الكثيرين في مختلف أنحاء المعمورة، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر من بين أكثر المناطق تأثراً بتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
تشير المعطيات الراهنة إلى أن المنافسة ستنحصر، على الأرجح، بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب، والمرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس. وهناك شبه إجماع على أن ولاية ترمب الأولى كانت من بين الفترات الأكثر ضرراً بمصالح وقضايا العالم العربي، وذلك بالنظر إلى التداعيات السلبية التي خلفتها سياساته المتطرفة، وانحيازه المطلق لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فضلاً عن اعترافه بضم إسرائيل للجولان، وتطلعه نحو توسعها. وعلى النقيض من ذلك، كان بعض العرب يأملون في أن تسفر انتخابات عام 2018 عن تغيير في الإدارة الأمريكية، وانتخاب رئيس جديد يتعامل مع قضاياهم بقدر أكبر من العدل والإنصاف. لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال، بعد أن تجلى للعيان تعالي ترمب وعنصريته تجاه العديد من مناطق العالم، بما فيها المنطقة العربية. وقد استاء غالبية العرب والمسلمين من القرارات والسياسات التي اتخذها ترمب، والتي أضرت بمصالحهم وتطلعاتهم، فضلاً عن عدم اتخاذه سياسات كان من شأنها أن تعزز مصالح شعوبهم، ومصالح الولايات المتحدة، وتسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين، وعلى رأسها: اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الإرهاب، والكيان الصهيوني، وحقوق الإنسان.
لقد أتى ترمب إلى السلطة في ولايته الأولى باندفاع وحماس شديدين، بل ربما بتطرف، مباشرة بعد فترة حكم باراك أوباما، وقبله جورج بوش الابن، الذي يعتبره الكثيرون من أسوأ الرؤساء الذين حكموا الولايات المتحدة، نظراً لما تسببت فيه سياساته من أضرار جسيمة لأمريكا والعالم أجمع. فقد كان يُنظر إلى بوش الابن على أنه خطر يهدد العالم بأسره، واضطر العالم للتعايش مع إدارته لمدة ثماني سنوات عجاف، استمرت خلالها في غيها، متجاهلة كل القيم الأمريكية والإنسانية النبيلة. ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن إدارة ترمب كانت الأسوأ على الإطلاق، خاصة بعد موقفه من انتخابات الرئاسة عام 2018، والأحداث التي شهدها يوم السادس من يناير 2020.
ويعتقد الكثيرون أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ستكون من بين أغرب الانتخابات التي شهدتها البلاد على الإطلاق. فالمرشح الأبرز هو الرئيس السابق ترمب، الذي لا يزال يواجه ملاحقات قضائية بتهمة ارتكاب مخالفات قانونية. أما المرشحة الثانية فهي كاميلا هاريس، التي تعتبر أول امرأة تترشح لمنصب الرئاسة، كما أنها تنحدر من أصول أفريقية وهندية، ولا تنتمي إلى النخبة البروتستانتية البيضاء.
كلا المرشحين يفتقران إلى الشخصية القيادية القوية والمقبولة على نطاق واسع. ومن السابق لأوانه الجزم بأن ترمب سيخسر الانتخابات أمام هاريس، إذ لا تزال حظوظه قائمة، ولم تقض الأحكام القضائية التي صدرت ضده على آماله تماماً، وذلك بفضل الإنفاق الهائل والجهود المضنية التي بذلت في حملته الانتخابية، مدفوعاً برغبته العارمة في الفوز بولاية ثانية، ودعم معظم اليمين المتطرف في أمريكا، والعديد من أصحاب المصالح الخاصة. صحيح أن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن هاريس ستفوز بأغلبية ضئيلة إذا أجريت الانتخابات هذا الأسبوع، إلا أنه لا ينبغي التسرع في إصدار الأحكام، إذ لن يعرف الفائز على وجه اليقين إلا في السادس من نوفمبر 2024.
يبقى السؤال مطروحاً: كيف ستكون كاميلا هاريس وإدارتها بالنسبة للعرب وقضاياهم، إذا ما فازت في الانتخابات؟ يبدو أنها ستكون "أقل" سوءاً من منافسها على أية حال. وهذا ما يمكن استنتاجه من تصريحاتها وأقوالها المتعلقة بالعلاقات الأمريكية-العربية، بصفة عامة، وكذلك من الخطوط العريضة لسياستها الخارجية. فدعم إسرائيل وخدمة المصالح الأمريكية الضيقة في المنطقة، تعتبر من الثوابت الراسخة في السياسة الخارجية الأمريكية، والتي لا تتغير بتغير الأشخاص. ومع ذلك، تظل لشخصية المسؤول الأمريكي، أي مسؤول، بصمته الخاصة المحدودة، وأسلوبه في إدارة العلاقات الأمريكية مع الأمم والشعوب الأخرى. فأمريكا هي في الأساس دولة مؤسسات. ومن وجهة النظر العربية، فإن شخصية ومواقف وآراء هاريس بشأن العرب وقضاياهم لا تبعث على التفاؤل. فموقفها من إسرائيل هو موقف المؤيد والداعم للكيان الصهيوني، لكنها، وبعد أحداث غزة، تؤيد ما يعرف بـ "حل الدولتين"، مع مراعاة سلامة وأمن إسرائيل، أو كما قالت.
والواقع أن المقارنة بين موقفي هاريس وترمب من أهم القضايا والمسائل التي تهم الأمة العربية، (وأهمها: مكافحة الإرهاب، الأوضاع السياسية المتقلبة في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، الصراع العربي الإسرائيلي، السياسات التوسعية الإيرانية، الملف النووي في المنطقة والملف بشقه الإيراني، ما يسمى بـ "الإصلاح بالمنطقة"... إلخ)، تشير إلى غياب الموضوعية والمنطقية في مواقف هذين المرشحين. فترمب يتخذ مواقف معاكسة ومتناقضة تماماً لمواقف هاريس في أغلب القضايا الكبرى، إلا أن موقف كل منهما تجاه العرب سلبي وشبه موحد، بصفة عامة.
إن محبي السلام في كل العالم يتمنون أن تكون الإدارة الأمريكية القادمة أكثر حكمة وتعقلاً وإنصافاً، وبما يعيد الاحترام لأمريكا، ويحسن من سمعتها، التي يجمع المراقبون على أنها تدهورت كثيراً مؤخراً، خاصة بعد أحداث غزة، وقبلها أفغانستان وأوكرانيا. ولكنها أمنيات لن تتحقق، طالما استحكمت المصالح الخاصة، والتوجهات الصهيونية في عقول الأشخاص والمؤسسات التي تصنع القرار الأمريكي. وختاماً، نذكر المعنيين العرب بالحكمة العالمية الذهبية المعروفة: لتعمل كل دولة لخدمة ما تعتقد أنه مصالحها، ولتعطى الزمام للسياسيين النزيهين الشرفاء، لا للانتهازيين الغوغائيين. والأهم أن يعمل العرب على خدمة مصالحهم المشروعة، والنضال دون هوادة من أجل حقوقهم، وعليهم أولاً أن يتغلبوا على كل العقبات التي تمنعهم من ممارسة هذا الحق، أو أن يستسلموا للمؤامرات التي تحاك ضدهم، والتي تهدف لإبقائهم في حالة ضعف وتخلف.
تشير المعطيات الراهنة إلى أن المنافسة ستنحصر، على الأرجح، بين المرشح الجمهوري دونالد ترمب، والمرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس. وهناك شبه إجماع على أن ولاية ترمب الأولى كانت من بين الفترات الأكثر ضرراً بمصالح وقضايا العالم العربي، وذلك بالنظر إلى التداعيات السلبية التي خلفتها سياساته المتطرفة، وانحيازه المطلق لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فضلاً عن اعترافه بضم إسرائيل للجولان، وتطلعه نحو توسعها. وعلى النقيض من ذلك، كان بعض العرب يأملون في أن تسفر انتخابات عام 2018 عن تغيير في الإدارة الأمريكية، وانتخاب رئيس جديد يتعامل مع قضاياهم بقدر أكبر من العدل والإنصاف. لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال، بعد أن تجلى للعيان تعالي ترمب وعنصريته تجاه العديد من مناطق العالم، بما فيها المنطقة العربية. وقد استاء غالبية العرب والمسلمين من القرارات والسياسات التي اتخذها ترمب، والتي أضرت بمصالحهم وتطلعاتهم، فضلاً عن عدم اتخاذه سياسات كان من شأنها أن تعزز مصالح شعوبهم، ومصالح الولايات المتحدة، وتسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الدوليين، وعلى رأسها: اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الإرهاب، والكيان الصهيوني، وحقوق الإنسان.
لقد أتى ترمب إلى السلطة في ولايته الأولى باندفاع وحماس شديدين، بل ربما بتطرف، مباشرة بعد فترة حكم باراك أوباما، وقبله جورج بوش الابن، الذي يعتبره الكثيرون من أسوأ الرؤساء الذين حكموا الولايات المتحدة، نظراً لما تسببت فيه سياساته من أضرار جسيمة لأمريكا والعالم أجمع. فقد كان يُنظر إلى بوش الابن على أنه خطر يهدد العالم بأسره، واضطر العالم للتعايش مع إدارته لمدة ثماني سنوات عجاف، استمرت خلالها في غيها، متجاهلة كل القيم الأمريكية والإنسانية النبيلة. ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن إدارة ترمب كانت الأسوأ على الإطلاق، خاصة بعد موقفه من انتخابات الرئاسة عام 2018، والأحداث التي شهدها يوم السادس من يناير 2020.
ويعتقد الكثيرون أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ستكون من بين أغرب الانتخابات التي شهدتها البلاد على الإطلاق. فالمرشح الأبرز هو الرئيس السابق ترمب، الذي لا يزال يواجه ملاحقات قضائية بتهمة ارتكاب مخالفات قانونية. أما المرشحة الثانية فهي كاميلا هاريس، التي تعتبر أول امرأة تترشح لمنصب الرئاسة، كما أنها تنحدر من أصول أفريقية وهندية، ولا تنتمي إلى النخبة البروتستانتية البيضاء.
كلا المرشحين يفتقران إلى الشخصية القيادية القوية والمقبولة على نطاق واسع. ومن السابق لأوانه الجزم بأن ترمب سيخسر الانتخابات أمام هاريس، إذ لا تزال حظوظه قائمة، ولم تقض الأحكام القضائية التي صدرت ضده على آماله تماماً، وذلك بفضل الإنفاق الهائل والجهود المضنية التي بذلت في حملته الانتخابية، مدفوعاً برغبته العارمة في الفوز بولاية ثانية، ودعم معظم اليمين المتطرف في أمريكا، والعديد من أصحاب المصالح الخاصة. صحيح أن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن هاريس ستفوز بأغلبية ضئيلة إذا أجريت الانتخابات هذا الأسبوع، إلا أنه لا ينبغي التسرع في إصدار الأحكام، إذ لن يعرف الفائز على وجه اليقين إلا في السادس من نوفمبر 2024.
يبقى السؤال مطروحاً: كيف ستكون كاميلا هاريس وإدارتها بالنسبة للعرب وقضاياهم، إذا ما فازت في الانتخابات؟ يبدو أنها ستكون "أقل" سوءاً من منافسها على أية حال. وهذا ما يمكن استنتاجه من تصريحاتها وأقوالها المتعلقة بالعلاقات الأمريكية-العربية، بصفة عامة، وكذلك من الخطوط العريضة لسياستها الخارجية. فدعم إسرائيل وخدمة المصالح الأمريكية الضيقة في المنطقة، تعتبر من الثوابت الراسخة في السياسة الخارجية الأمريكية، والتي لا تتغير بتغير الأشخاص. ومع ذلك، تظل لشخصية المسؤول الأمريكي، أي مسؤول، بصمته الخاصة المحدودة، وأسلوبه في إدارة العلاقات الأمريكية مع الأمم والشعوب الأخرى. فأمريكا هي في الأساس دولة مؤسسات. ومن وجهة النظر العربية، فإن شخصية ومواقف وآراء هاريس بشأن العرب وقضاياهم لا تبعث على التفاؤل. فموقفها من إسرائيل هو موقف المؤيد والداعم للكيان الصهيوني، لكنها، وبعد أحداث غزة، تؤيد ما يعرف بـ "حل الدولتين"، مع مراعاة سلامة وأمن إسرائيل، أو كما قالت.
والواقع أن المقارنة بين موقفي هاريس وترمب من أهم القضايا والمسائل التي تهم الأمة العربية، (وأهمها: مكافحة الإرهاب، الأوضاع السياسية المتقلبة في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها، الصراع العربي الإسرائيلي، السياسات التوسعية الإيرانية، الملف النووي في المنطقة والملف بشقه الإيراني، ما يسمى بـ "الإصلاح بالمنطقة"... إلخ)، تشير إلى غياب الموضوعية والمنطقية في مواقف هذين المرشحين. فترمب يتخذ مواقف معاكسة ومتناقضة تماماً لمواقف هاريس في أغلب القضايا الكبرى، إلا أن موقف كل منهما تجاه العرب سلبي وشبه موحد، بصفة عامة.
إن محبي السلام في كل العالم يتمنون أن تكون الإدارة الأمريكية القادمة أكثر حكمة وتعقلاً وإنصافاً، وبما يعيد الاحترام لأمريكا، ويحسن من سمعتها، التي يجمع المراقبون على أنها تدهورت كثيراً مؤخراً، خاصة بعد أحداث غزة، وقبلها أفغانستان وأوكرانيا. ولكنها أمنيات لن تتحقق، طالما استحكمت المصالح الخاصة، والتوجهات الصهيونية في عقول الأشخاص والمؤسسات التي تصنع القرار الأمريكي. وختاماً، نذكر المعنيين العرب بالحكمة العالمية الذهبية المعروفة: لتعمل كل دولة لخدمة ما تعتقد أنه مصالحها، ولتعطى الزمام للسياسيين النزيهين الشرفاء، لا للانتهازيين الغوغائيين. والأهم أن يعمل العرب على خدمة مصالحهم المشروعة، والنضال دون هوادة من أجل حقوقهم، وعليهم أولاً أن يتغلبوا على كل العقبات التي تمنعهم من ممارسة هذا الحق، أو أن يستسلموا للمؤامرات التي تحاك ضدهم، والتي تهدف لإبقائهم في حالة ضعف وتخلف.
